الدنمارك تغلق أبواب الهجرة! ما هي السياسات الصارمة التي ستغير أوروبا ؟

سياسة الهجرة في الدنمارك : صورة من كوبنهاغن مع علم الدنمارك وإشارة منع
لطالما عُرفت الدنمارك بأنها الاستثناء داخل الاتحاد الأوروبي عندما يتعلق الأمر بسياسات الهجرة واللجوء. وبينما فتحت دول أوروبية كبرى أبوابها أمام موجات اللاجئين منذ عام 2015، اختارت كوبنهاغن نهجاً مختلفاً يقوم على الصرامة والردع بدلاً من الاستيعاب والاندماج.

قانون المجوهرات: البداية المثيرة للجدل

في عام 2016، وخلال ذروة أزمة اللاجئين، أقرّ البرلمان الدنماركي ما عُرف بـ "قانون المجوهرات" الذي يسمح للشرطة بمصادرة الأموال أو الممتلكات الثمينة لطالبي اللجوء إذا تجاوزت قيمتها 1300 يورو، بحجة تغطية نفقات إقامتهم.
ورغم الانتقادات الدولية الحادة، اعتبرت الحكومة أن هذا القانون رسالة واضحة بأن البلاد ليست وجهة لمن يسعى وراء المنافع الاقتصادية فقط.

حملات تحذيرية وتقليص المساعدات

لم تكتفِ الدنمارك بالقوانين الداخلية، بل أطلقت حملات إعلامية في الخارج – حتى في صحف لبنانية – تحذر من تشديد القوانين وتقليص المزايا.
كما خفّضت المساعدات النقدية بنسبة تراوحت بين 20% و40%، واعتمدت سياسة الإسكان المؤقت في مراكز استقبال بعيدة عن المدن الكبرى.

انخفاض حاد في طلبات اللجوء

أرقام الحكومة أظهرت نجاح هذه السياسات من منظورها:

  • في عام 2015، سجّلت الدنمارك أكثر من 21 ألف طلب لجوء.
  • بحلول النصف الأول من 2025، انخفض العدد إلى أقل من 1000 طلب فقط، أي تراجع يقارب 95% خلال عقد واحد.

هذا الانخفاض جعل الدنمارك موضع انقسام أوروبي بين من يراها نموذجاً ناجحاً لإدارة الحدود، ومن يتهمها بتقويض مبادئ التضامن الإنساني.

مقارنة أوروبية: أرقام تكشف الفجوة

خلال النصف الأول من 2025، تصدرت دول مثل:

  • إسبانيا: 76 ألف طلب لجوء.
  • فرنسا: 75 ألفاً.
  • ألمانيا: 65 ألفاً.
  • إيطاليا: 63 ألفاً.

بينما لم تستقبل الدنمارك سوى 960 طلباً، وهو واحد من أدنى المعدلات في أوروبا.

الإقامة المؤقتة بدل الدائمة

في 2019، غيّرت الدنمارك جذرياً مفهوم الحماية الدولية على أراضيها. ألغت فكرة الإقامة الدائمة، واستبدلتها بإقامات مؤقتة لعام أو عامين مع مراجعات صارمة.
في 2021، سُحبت الحماية من 453 لاجئاً سورياً بعد اعتبار مناطقهم "آمنة"، ما دفع بعضهم إلى مغادرة البلاد طوعاً نحو دول أوروبية أكثر مرونة.

شروط شبه مستحيلة للإقامة الدائمة

الحصول على إقامة دائمة في الدنمارك يتطلب:

  • الإقامة 8 سنوات متواصلة.
  • إتقان اللغة الدنماركية بمستوى متقدم.
  • العمل بدوام كامل لمدة لا تقل عن 3.5 سنوات من آخر 4 سنوات.
  • سجل جنائي نظيف.

قيود على لمّ الشمل

من أبرز القيود التي وضعتها الدنمارك:

  • أن يكون طالب اللجوء قد بلغ 24 عاماً على الأقل.
  • إثبات الاكتفاء الذاتي مادياً.
  • امتلاك سكن مناسب ومستقل.
  • إيداع ضمان مالي يقارب 7700 يورو.

هذه الشروط جعلت حالات لمّ الشمل في الدنمارك لا تتجاوز المئات سنوياً، مقابل أكثر من 13 ألف حالة في السويد عام 2024.

الترحيل إلى رواندا: خطوة غير مسبوقة

في 2021، كانت الدنمارك أول دولة أوروبية تعلن خطة لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا لمعالجة ملفاتهم هناك بدلاً من أراضيها. ورغم تعثر الخطة بسبب ضغوط أوروبية وانتقادات حقوقية، فإن كوبنهاغن ما زالت تدفع لاعتماد سياسة "المعالجة الخارجية" على نطاق أوسع في الاتحاد الأوروبي.

أوروبا بين التضامن والردع

بينما تعتبر الحكومة الدنماركية أن هذه السياسات ضرورية لحماية المجتمع وتشجيع العودة الطوعية، ترى منظمات حقوق الإنسان أنها محاولة منظمة لثني اللاجئين عن اختيار الدنمارك.
ويظل الجدل قائماً: هل تمثل الدنمارك نموذجاً ناجحاً لإدارة ملف الهجرة؟ أم أنها تبتعد عن قيم التضامن التي قام عليها الاتحاد الأوروبي؟

الأسئلة الشائعة (FAQ) حول الهجرة إلى الدنمارك

ما هي شروط اللجوء في الدنمارك 2025؟

اللجوء في الدنمارك يخضع لشروط صارمة تشمل الإقامة المؤقتة، مراجعات دورية، وصعوبة الحصول على إقامة دائمة.

هل يمكن الحصول على إقامة دائمة في الدنمارك؟

نعم، لكن بشروط شبه تعجيزية مثل الإقامة 8 سنوات، إتقان اللغة، والعمل بدوام كامل لسنوات متواصلة.

ما هو قانون المجوهرات في الدنمارك؟

هو قانون صدر عام 2016 يسمح بمصادرة الأموال أو الممتلكات الثمينة لطالبي اللجوء إذا تجاوزت قيمتها 1300 يورو.

هل تسمح الدنمارك بلمّ شمل العائلات؟

تسمح بشروط صعبة مثل بلوغ سن 24 عاماً، امتلاك سكن خاص، وإيداع ضمان مالي كبير.

ما هي خطة الدنمارك لترحيل اللاجئين إلى رواندا؟

خطة تهدف إلى إرسال طالبي اللجوء لمعالجة طلباتهم في رواندا بدلاً من أوروبا، لكنها واجهت اعتراضات قانونية وسياسية.

الخاتمة

تُظهر تجربة الدنمارك مع الهجرة واللجوء أن لكل دولة الحق في صياغة سياسات تتماشى مع أولوياتها الداخلية وأمنها القومي، لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تتحول هذه السياسات إلى نموذج أوروبي جديد، أم أنها مجرد حالة استثنائية ستثير المزيد من الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي؟

بينما يرى البعض أن تشديد القوانين وخفض المزايا يساهم في تقليل أعداد اللاجئين والحد من الهجرة غير النظامية، يحذر آخرون من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تقويض مبادئ حقوق الإنسان التي تأسست عليها أوروبا الحديثة.

وفي النهاية، فإن مستقبل الهجرة في أوروبا لن تحدده الدنمارك وحدها، بل التوازن بين الأمن والإنسانية في سياسات جميع دول الاتحاد الأوروبي، وهو توازن لا يزال بعيد المنال في ظل الأزمات العالمية المستمرة.

تعليقات