يتوج تشارلز الثالث ملكاً في طقوس مسيحية مهيبة يعود تاريخها إلى ألف عام، وتم تكييفها لتعكس صورة بريطانيا في القرن الحادي والعشرين. يتم وضع تاج الملك إدوارد، الرمز المقدس لسلطة العرش المصنوع من الذهب الخالص، على رأس تشارلز عند الساعة الحادية عشرة صباحاً بتوقيت غرينتش، ويصدح صوت “ليحفظ الله الملك” في المكان. ستصدح الأبواق في أنحاء كنيسة ويستمنستر آبي في لندن، وتُطلق المدافع الاحتفالية برا وبحراً للاحتفال بهذه المناسبة الخاصة.
تُعد هذه المناسبة الخاصة الأولى لتتويج ملك بريطاني منذ عام 1953، والخامس فقط منذ 1838. تقوم أجراس الكنائس في مختلف أنحاء البلاد بالرنين، قبل أن يبدأ جنود المشاة والخيالة في عرض يضم سبعة آلاف عسكري في شوارع العاصمة. يعود الملك تشارلز وقرينته كاميلا في العربة المذهبة التي تستخدم نادراً إلى قصر باكنغهام، أمام حشود كبيرة قبل أن يتابعا عرضاً جوياً من شرفة القصر.
تم بث مراسم التتويج للمرة الثانية على التلفزيون، والأولى بالألوان وبخدمة البث التدفقي على الإنترنت. تُعد هذه المناسبة تأكيدًا دينيًا لاعتلاء تشارلز العرش. تشارلز، الذي يبلغ من العمر 74 عامًا، هو ملك بريطانيا منذ وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية في سبتمبر 2022 بعد سبعة عقود على توليه ولاية العهد.
تغييرات
يعد جزءًا كبيرًا من المراسم الأنغليكانية التي سيشهدها تتويج الملك تشارلز في كنيسة ويستمنستر، متوارثًا عن أسلافه ويمتد على مدى ألف عام، حيث تم تتويج 39 ملكًا في هذه الكنيسة منذ عام 1066. وعلى الرغم من أن العديد من الطقوس والتقاليد لم تتغير كثيرًا، إلا أن الملك تشارلز سعى إلى تحديث بعض جوانب المراسم لتعكس البريطانية الحديثة، حيث سيشارك في هذه المراسم أولئك الذين تمثلوا قلائل أو تم استبعادهم من قبل، مثل النساء الأساقفة وقادة الأقليات الدينية الأخرى، وستلعب اللغات القليلة أيضًا دورًا هامًا.
بصفته ملكًا، سيترأس تشارلز كنيسة إنجلترا، ومع ذلك، يقود بلدًا يتمتع بتنوع ديني وعرقي أكبر بكثير من الوضع الذي ورثه والدته في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وسعى تشارلز لجعل قائمة المدعوين إلى حفل التتويج أكثر تمثيلاً للمجتمع البريطاني، حيث دعا بعض الناس من الجمهور للجلوس بجانب رؤساء الدول والملوك والأمراء من جميع أنحاء العالم.
كما قام تشارلز بتغيير آخر في التقاليد القديمة المرتبطة بمراسم التتويج، حيث يعبر شعار المراسم عن اهتمامه الدائم بالتنوع البيولوجي والاستدامة. وسيتم استخدام الأثواب الاحتفالية التي تم إعادة تدويرها من مراسم تتويج سابقة، وسيتم استخدام زيت نباتي لتدليك الملك تشارلز خلال المراسم.
معارضة
رغم أن تتويج الملك تشارلز يعد من الأحداث الوطنية التي تعكس تاريخ وثقافة وتقاليد بريطانيا، إلا أن هناك من يعارض هذا النظام الملكي، ويدعو إلى التحديث أو إلغائه برمته. وتشير الاستطلاعات إلى تراجع الدعم للتاج البريطاني، خصوصا بين الشباب الأصغر سنا.
وقد وعد الجمهوريون، الذين يطالبون برئيس دولة منتخب، بتنظيم احتجاج في يوم التتويج مع شعارات تقول “ليس ملكي” (نات ماي كينغ). وخارج المملكة المتحدة، يضعف موقف تشارلز كوريث للعرش في 14 من دول الكومنولوث؛ فقد لمحت بليز وجامايكا في وقت سابق هذا الأسبوع إلى خطوات نحو التحول إلى نظام جمهوري.
في الوقت نفسه، يتساءل البريطانيون عن تكلفة المراسم التي تصل إلى أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني (126 مليون دولار)، ولماذا يتعين على دافعي الضرائب تحمل هذه التكلفة في ظل ارتفاع كلفة المعيشة. ولكن يرون البعض أن هذه المراسم هي جزء من الهوية الوطنية والتراث الثقافي للبلاد، ويعتبرونها فرصة للفخر الوطني والتضامن فيما بينهم.